جلست على المرر تلتقط أنفاسها.. بعد اللعب والجنون.. والركض كالأطفال تماما..
كانت بجانبها صديقتها (خديجة) تتبادل معها أطراف الحديث..
إلى أن جاءت (عزيزة) قائلة: "خديجة.. أريدك في أمر إذا سمحت"
قامت خديجة بتكاسل ملبية طلب خديجة
كانت سليمة تشعر بأن ما سيدور بين خديجة وعزيزة سيكون عنها!
فقالت لهن مازحة: "المهم ألا تتكلمن بسوء عني"
اشتغلت عنهن للحظة.. ثم أخذت تراقبهن وهن يتحدثن..
كانت تشعر بأن هنالك شيئًا ما سيحدث.. خاصة مع نظرات خديجة المملوءة بالشفقة والمكر في الوقت ذاته!
كان الفضول يعصر سليمة لمعرفة ما يُقال!
خاصة أنها شعرت بأنهن يتحدثن عنها!
اقتربت خديجة وخلفها عزيزة من سليمة قائلة: "لا أظن بأنني سأفيدك"
انتهزت سليمة الفرصة لمعرفة ما دار بينهما وقالت: "أنا سأفيدك!"
انخفضت عزيزة نحوها وتعلوها ابتسامة ماكرة: "لا أظن بأنك تستطيعين"
وبحركة خاطفة.. خطفت عزيزة فردة حذاء سليمة!
أمسكت سليمة بفردة حذائها الثانية وركضت خلف عزيزة..
تريد نعلها
لكن المسكينة عزيزة لم تكن سريعة لتلحق بها؛ فقد رميت فردة حذائها إلى الأسفل :( وبالتحديد أمام غرفة المعلمات!
قبل أن تذهب سليمة للأسفل لأخذ حذائها.. أرادت أن تنتقم من سليمة.. فأخذت تضربها بحذائها..
لكن عزيزة داهمتها مرة أخرى.. ولحقت الفردة الثانية بأختها الأولى :( وكان مصيرها كأختها.. بل أنها قُذفت إلى مسافة أبعد :"(
ركضت سليمة للأسفل.. وأخذت فردة حذائها الموجودة أمام غرفة المعلمات..
بعدها.. همت بالبحث عن الفردة الثانية..
قلبت بصرها هنا وهناك.. لكن.. لا فائدة!
لا أثر لفردة حذائها الثانية!
أخذت سليمة تصرخ بأعلى صوتها بنبرة غاضبة: عزيزة.. عزيزة.. أين رميتِ فردة حذائي الثانية؟!!
وعزيزة تسكتها وتقول: اسكتي.. ستسمعك المعلمات.. وستضيع السمعة!
لكن سليمة مصرة على أن تناديها باسمها أمام غرفة المعلمات كنوع من العناد والانتقام
علمت بعدها بأن الصراخ لن يحرك ساكنًا.. فأخذت تبحث مرة أخرى..
فرأت مجموعة من طالبات صفها يجلسن بكل براءة ووداعه..
إلا أنها شكت في أمرهن بعد ذلك؛ بسبب ابتساماتهن الماكرة
انطلقت سليمة وهي مجهدة نحوهن.. تطالبهن بفردة حذائها..
تسألهن عنها وهن ينكرن بصمتهن الغريب!
فجأة..
قفزت فتاة منهن.. ومعها فردة الحذاء الثانية!
وركضت مسرعة إلى وسط الساحة!
ركضت سليمة خلفها..
وهي متعبة..
قامت تلك الفتاة تراوغها..
وسليمة المسكينة لا خبرة لديها في المراوغة أو الجري :(
كان منظرها مضحكا
لكنه مثير للشفقة أكثر من كونه مضحك!
أخذت الفتيات يتقاذفن الحذاء.. وسليمة المسكينة لا تدري ماذا تفعل..
إلى أن قررت أن تصعد إلى الصف..
بعدها.. أشفقت عليها الفتيات وأعدن إليها حذاءها قبل أن تصعد إلى الصف..
ذهبت سليمة غاضبة إلى الصف..
الطالبات يحدثنها.. لكنها تفضل الصمت حتى لا تنفجر في وجه أحد!
رتبت حقيبتها ولبست عباءتها وخرجت من الصف.. ولم تسلم حتى!
على غير عادتها..!
خرجت.. وهي تحاول أن تمسك دموعها.. لكن دموعها أبت إلا أن تطل على الأقل على العالم الخارجي..
في الحافلة.. استغل الشيطان غضبها.. فأخذ يوسوس لها بالانتقام..
في المنزل.. أخذت سليمة تتأمل فردة حذائها وتحدث نفسها:
-لماذا وقع ما وقع علي أنا بالذات؟
لماذا ليس فلانة أو علانة!
# ربما لأن حذاءك مفتوح ويسهل على عزيزة وخديجة نزعه..
- لكن هذا ليس هو السبب المقنع.. لابد أن هنالك سببًا آخر..
# امممم .. ربما لأنك قريبة منهن!
- وهذا الآخر غير مقنع.. فهنالك كانت الكثير من طالبات الصف صاحبات الأحذية المفتوحة؛ بحكم أن الحصة كانت فارغة وكانت الأخيرة
# ربما لأنك أقرب روحيا من الأخريات.. ولا يجرؤن على فعل ذلك مع الأخريات!
- هه.. إلا عزيزة وخديجة.. فهن يفعلن أي شيء في أي شخص مهما كان!
فإذا بها تسمع صوتا يقطع حبل الصمت ذاك..!
أنا سأجاوب على سؤالك
أخذت سليمة تبحث عن المتحدث يمنة ويسرة..
إلى أن اكتشفت بأن فردة حذائها هي من يحدثها!
ساد الصمت المكان للحظات..
فسليمة لم تستوعب الأمر!
والفردة الحكيمة تريد منها أن تستوعب ما ستقوله لها..
"ت ت تف فضلي.. تفضلي" قالت سليمة
حسنا يا صاحبتي..
في الحقيقة.. أنا جند من جنود الله
أرسلني الله لأعلمك من أنت!
أنت عزيزة إن كنتِ ترتدينني..
وذليلة إذا سُلبت منك!
مع أن قيمتي أقل من ٤ ريالات!
كنت تمشين عزيزة بين زميلاتك حينما كنتِ ترتدينني.. وتطربك كلمات إطرائهم علي.. مع أنه أنا من عليه أن يفخر ويطرب بكلمات المديح.. لا أنت!
لكن.. ما أنا إلا قطعة جلد وصمغ!
وجمالي كان قدرا ليس إلا..
فكيف بك أنت يا (طين) !
كنتِ عدما.. ثم صرتِ طينا..
ومن بعد الطين نطفة!
والطين أطهر من النطفة..
إلى أن أنشأك الله خلقا آخر.. فتبارك الله أحسن الخالقين..
أرسلني ربي لأذكرك بأصلك ومنتهاك..
أرسلني ربي.. لأعلمك بأنه لا حول لك ولا قوة.. إلا به..
أرسلني.. لأعلمك.. بأنه أعزك بشيء واحد فقط.. إنه الإسلام.. وإن ابتغيتِ العزة في غيره، أذلك الله!
التقوى والعلم.. جناحنان يحلقان بك في سماء العزة..
ومع ذلك.. يجب عليك حين تصلين إلى تلك المرحلة وضع هذه الحقيقة في بالك دائما..
خاصة حينما يثني الناس عليك..
فقط رددي حينها ما ردده الأنبياء عليهم الصلاة والسلام..
"هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر"
"رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين"
"رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين"
هنا.. انتهت مهمتي..
أتمنى أن أكون قد أديتها على خير وجه
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم
البلجاء بنت عبدالله العيسرية
٢٥/ جمادى الآخرة/ ١٤٣٥ هـ
٢٥/ ٤/ ٢٠١٤م
ذهول يسلب التعليق!
ردحذفرائعة!
شكرا لك مُزن
حذفأنت الأروع♡
ما شاء الله!
ردحذفأبدعتِ في السرد يا صديقة ..
من الرائع ادخالك لـ شيء من حديث النفس في النص!
ننتظر جديدك، وفقك الله و يسر لك الخير ..
شكرا لك رواء..
حذفأنت مصدر الإبداع💗
بإذن الله